بسم الله الرحمن الرحيم                              

حكم تقصُّد إقامة المحاضرات في الأسواق والمنتزهات


سُئِلَ الشيخ العلامة د.محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى
بعض الجماعات يتقصَّدون إقامة بعض المحاضرات في الأسواق والمنتزهات تقصُّداً لكسب العوام من العامَّة سواءً كانوا نساءً أو أطفالاً أو شباباً الفئات كلها؛ فيتقصَّدون وضع هذه المحاضرات.. طبعاً هم يستندون حتى إذا ناقشتهم يقولونالنبي -عليه الصلاة والسلامكان يدعو في الأسواق ويقول: «قولوا: ( لا إله إلا اللهتفلحوا» فهم يتقصَّدون هذا الفعل؛ فما مدى مشروعية هذا الفعل؟!
فأجاب الشيخ -حفظه الله تعالى
«الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد؛ فنَعَم صدقوا؛ كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّمفي أول دعوته يَتْبَع الناسَ؛ فكان يعرض نفسه على القبائل في الموسم في (مِنىفيقول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «من يحملني إلى قومه فأبلِّغ كلام ربِّي فإنَّ قريشاً قد منعوني أن أبلِّغ كلام ربي» هذا صحيحٌ.. وهكذا في سوقعُكاظ).. وهكذا في بقيَّة المجامع، صدَقَ من قال هذا.
لكن بعد أنْ مكَّن الله له وجاء أمرُ الهجرة إلى المدينة واستقرَّ الناس في هذه المدينة الطيِّبة المبارَكة وظهَرَ أمرُ الإسلام هل كان يخرج إلى الأسواق؟أنا أسألكم!!
الآن نحن نوافقه في النِّصف الأول كلامه حقٌّ المستدل به، ليس فيه حرفٌ واحدٌ، هذا كان في أول الأمر مالَه محلٌّ وما عنده مقامٌ، والدليل عليه: «من يحملني إلى قومه فأبلِّغ كلام ربِّي فإنَّ قريشاً قد منعوني أن أبلِّغ كلام ربي» فبعد ذلك حصَلَ مَنْ حَمَلَه إلى قومهالأنصار -رضي الله تعالى عنهم-.
وجندٌ من الأنصارِ لا يخذلونه *** أطاعوا فما يعصونه ما تكلَّمَا
صلَّى الله عليه وسلَّم، فبَعْدَ أن عاهدوه على نصرته ونصرة هذا الدين وحمايته ممَّا يحمون منه أنفسهم وذراريهم وأهليهم؛ بعد ذلك خرَجَ إلى السوق؟!! وللا جلَس في المسجد؟!! جلس في المسجد يعلِّم في المسجد وجاءه السؤال -صلَّى الله عليه وسلَّمفقال له كما في مسند الإمام أحمد بإسنادٍ حسنما أبغض البقاع إلى الله وما أحبُّها إلى الله؟فقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لا أدري حتى يأتي جبريل فأسأله» فنزَل عليه جبريل بالوحي فسألهأيُّ البقاع أحبُّ إلى الله وأيُّها أبغض إلى الله؟فقال: «لا أدري حتى أسأل ربي عزَّ وجلَّ» فرجَع جبريل فسأل ربَّه تبارك وتعالى، ثم إنَّه نزَلَ بعد، فقال: «يا محمد، إنَّك سألتني -وذَكَر الذي تقَدَّموإنّي سألت ربِّي جلَّ وعلا فقالإنَّ أحَبَّ البقاع إلى الله المساجد وأبغض البقاع إلى الله الأسواق» فما وقَفَ بعد ذلك -صلَّى الله عليه وسلَّميعظ ويذكِّر الناس في الأسواق، وإنَّما في مسجده؛ فالوفود تأتي إليه مسجدَه، ويأتي الرجال من البادية إليه في مسجده
صلَّى الله عليه وسلَّم
فالعلم والتعليم محلُّه المساجد، ومحلُّه محالُّ العلم ودور العلم ومجامع العلم ومجالس العلم، وأما الأسواق فليست محلهلكن إنْ كان ثَـمَّ منكر فإنَّ الإنسان ينكره ويدعو إلى المعروف ويُبْطِل الشر والباطل، هذا لابدَّ منهأمَّا أن تُعْقَد الحِلَق والدعوات في هذه الأسواق فهذا من امتهان العلم وإذلاله».
من تفريغات موقع راية السَّلف بالسُّودان

www.rsalafs.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top