* كيف تكون التزكية لمن يؤخذ عنه العلم؟ *
أولًا : لا يؤخذ إلا من الأكابر .
وثانيًا : لا بد من تزكية من العلماء لهذا القائم بهذه الدروس .
فأدَّى هذا إلى ترك بعض الدروس التي لا يوجد غيرُها في المنطقة عندنا ، فما موقفُنا من ذلك ؟ نرجو التوجيه بارك الله فيكم .
فأجاب - حفظه الله - : لا شك أن العلم إنما يُؤخذ عن الأكابر ، وأنه لا بد من التزكية ، لكنْ مَن هم الأكابر ؟ ، الأكابرُ مَن كَبَّرَهُم علمُهم ، وعًرِفوا بالعلم ، ولو صَغُرَ سِنُّهُم ، ولو كانوا شبابًا ، فهناك أكابر من الصحابة صغارٌ في السنِّ ، أُخِذَ عنهم العلم ، وأنار علمُهم الدنيا ، فهذه قضيةٌ من الأهمية بمكان وهي أن الصغيرَ قد يُكَبِّرُهُ علمُه فيُعرف بالعلم المتين النافع ، وهذا كثيرٌ في السلف بَدْءً ممن الصحابة - رضوان الله عليهم - إلى ما بعد الأئمة ، ولا بد من التزكية ؛ فإن العلم دين ؛ فينبغي أن ننظرَ عمَّن نأخذ دينَنَا ، لكنْ كيف تكون التزكية ؟ التزكيةُ تكون بثلاثة أمور :
الأمر الأول : نَصُّ العلماء المعتبرين على تزكيته .
أنْ ينُصَّ العلماء أو بعضُهم ، ولا نحصُر التزكية في عالمٍ ولا عالمَيْن ولا ثلاثة ، بل أنْ ينص عالم من العلماء المعتبرين أو جَمْعٌ منهم على أنَّ فلانًا مُزَكَّى ، ويصْلُح لأنْ يُؤخذ عنه العلم .
الأمر الثاني : أنْ يَشْتَهِرَ بالتعليمِ مِن غيرِ أنْ يُنكَرَ عليه مِن أهل العلم .
يُعرف بأنَّه يُدَرِّس ويشتهر هذا عنه ، ولا يُنكِر أهلُ العلم المعتبرون تدريسَه . فهذه تزكيةٌ سكوتيَّة ، إذْ لا يليقُ بمقامِ العلماء أنْ يكون هذا مما يُنْهَى عن الدرسِ عليه ولا ينْهَوْه .
والأمر الثالث - وهذا من الأهمية بمكان - : أنْ يُزَكِّيَهُ علمُهُ ، فلا يُعَلِّمُ إلا السنة أعنِي ما يكونُ فيه الحق ، ولا يـأخذُ إلا عن علماء السنة ، ويقرِّر كتب علماء السنة ، ولم يُؤخذ عليه ردٌّ لكلام العلماء المعتبرين ، ولا مخالفاتٌ للسنة ، فهذا يُزَكِّيهُ علمُهُ .
وليس كلُّ طالبِ علمٍ نافعٍ يعرفُه العلماء ، ولكنْ يُنظرُ في علمِه الي يبُثُّه ، هل يُعلِّم السنة ؟ ، هل يحترم آراء علماء السنة ؟ ، هل ينقُل كلام علماء السنة ؟ ، فإنْ كان ذلك كذلك فقد زكَّاهُ علمُه ، ويُؤخذ عنه العلم .
والقول بأنَّه لا يؤخذ العلم إلا عمَّن زكَّاه العلماء نصًّا يَسُدُّ بابَ الخير . كثير من البُلْدَان فيها طلاب علم يُعلِّمون السنة وشروح أهل السنة ويُعلِّمون بحَسَبِ ما تعلَّموا ، ولكنَّهُم لا يحمِلُون تزكيةً من عالم معين ، لكنْ لم يُعْرَفْ عليهم ما يَجْرَحُهُم في علمهم . فإذا قلنا : (إنه لا يؤخذ العلم عنهم) ، لن يبق علمٌ في كثيرٍ مِن البُلْدَان ، وسيُسَدَ باب الخير ، ويقوم أهل البدع ويدرِّسُون ، وأهلُ السنة يكُفُّون ، ويُصبح أهلُ السنة يتعلمون مِن أهل البدع أو يتعلمون من الإنترنت أو غيرِه ، وهذا لا يصح ولا يستقيم . إذن نحن نقول : لا بد من التزكية ، ولا يصح أنْ نتساهل فنأخذ العلم عن كل أحد لكن كيف تكونُ التزكية ؟ ، إمَّا بنصٍّ مِن عالمٍ أو عدد من العلماء المعتبرين المعروفين بالسنة ، وإمَّا باستفاضَةٍ وشهرة مِن غيرِ نكيرٍ مِن العلماء ، وإما بعلمٍ صحيحٍ سليمٍ خالٍ مِمَّا يجرح ، يُعرفُ به طالبُ العلم الذي يُعَلِّم .
ثم لا شك أنَّ الواجبَ على كلِّ أحد أنْ ينتهِي إلى ما عَلِم ، وألا يزيدَ على ما عَلِم ، حيثُ انتهى علمُه يُعَلِّم الناس . كثير من بُلْدَانِ المسلمين بحاجة إلى مَن يُعَلِّمُهُمُ الأصول فمَن عرف هذه الأصول عن أهل السنة وضبطها ؛ فإنه يُعَلِّم الناس ، لكنْ ما يُصبح شيخَ الإسلام ابن تيمية ، يعني بعض طلاب العلم قد يأخذ كتابًا أو كتابين ثم بعد ذلك يَذهب يُدَرِّس فينتفِخ ، ويرُدّ على العلماء الأكابر ، ويُفتي في كل شيء ، ويتكلم بكل شيء ، لا شك أنَّ هذا ضلال ، ولكنَّ الْمُحسن هو الذي ينتهي إلى ما عَلِم ، وينشر الخير والسنة ، ولا يجوز لنا أنْ نقف عائقًا في وجه نشر الخير والسنة ، وهذا هو الذي أدْرَكْنَا عليه صنيعَ العلماء كالشيخِ ابنِ باز - رحمه الله - ، والشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في تعاملِهم مع طلاب العلم .
أما مَن عُرِف بجرح أو كان في علمِه خلْط أو كان مجهولًا مِن كلِّ وجه ، فَمِثْلُ هذا لا ينبغي أَخْذُ العلمِ عنه . والله أعلم " . اهــ
[ بعد دقــ
3 من الدرس الثامن من (قواعد في المعاملات المالية) ، يوتبوب - دروس
الإمارات]
فَرَّغَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ : أَبُو هَمَّامٍ أَحْمَدُ إِيهَابٍ الْمِصْرِيُّ
فَرَّغَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ : أَبُو هَمَّامٍ أَحْمَدُ إِيهَابٍ الْمِصْرِيُّ
المصدر: منتديات نور اليقين
0 التعليقات:
إرسال تعليق